فصل: مسألة قال لامرأته أنت طالق إن دخلت جاريتك على أختك إن لم أضربها مائة فدخلت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة قال لامرأته أنت طالق إن حضرت جنازة فلان فمات فلان في موضع بعيد:

وسئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن حضرت جنازة فلان، فمات فلان في موضع بعيد، فبلغ ذلك امرأة الميت فبكته، واجتمع إليها النساء يبكين معها، فخرجت امرأة الحالف عليها إلى زوجة الميت، فبكت معها حينا، ثم رجعت إلى زوجها.
فقال: هي طالق، وهو حانث فيها.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن هذا هو المعنى عند النساء في حضورهن الجنائز، وهو الذي كره الحالف، فعليه يقع يمينه، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول لجاريته إن لم ألتمس منك الولد فأنت حرة:

وسئل عن الذي يقول لجاريته إن لم ألتمس منك الولد فأنت حرة، أو يقول ذلك لامرأته، فأنت طالق البتة.
قال أشهب: إذا لم يعزلها فليس عليه شيء، قيل له: فإن أراد أن يبيع بعدما وطئ، ولم يعزل قال: إن شاء فعل.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن التماس الولد من المرأة إنما هو بالإفضاء إليها، إذ ذاك هو سببها الذي لا يقدر في التماس الولد منها على أكثر منه، فإذا وطئ وأفضى إليها، فقد التمس الولد منها، وإن كان لم يرد أن يكون له منها ولد، كما لو حلف ألا يلتمس الولد منها فوطئها، وأفضى إليها، لكان قد حنث، وإن كان من إرادته ألا تحمل منه؛ إذ لا تأثير لإرادته في شيء من ذلك، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بطلاقها ألا يلبس لها ثوبا فأدخل طوقه في عنقه فإذا هو ثوب امرأته:

وسئل عن رجل حلف بطلاق امرأته، ألا يلبس لها ثوبا، وأنه أخذ لها ثوبا، فحين أدخل طوقه في عنقه، فإذا هو ثوب امرأته، فنزعه أتراه حانثا أم لا؟ والذي يحلف ألا يركب دابة فلان، فأدخل رجله في الركاب، فحين استقل من الأرض وهم أن يقعد على السرج، ذكر يمينه أتراه حانثا؟
قال ابن وهب عن مالك: إنه حانث، قيل له: فالذي يدخل رجله في الركاب فحين استقل من الأرض، ولم يستو عليها ذكر يمينه؟ قال: لا شيء عليه إلا أن يكون استوى عليها.
قال محمد بن رشد: قال في الذي يحلف ألا يركب دابة رجل فأدخل رجله في الركاب، واستقل من الأرض، وهم أن يقعد على السرج أنه حانث، ومعنى ذلك إن كان قد استوى عليها، بدليل قوله في آخر المسألة التي بعدها أنه لا شيء عليه إلا أن يكون استوى عليها، ولا اختلاف في أنه إذا استوى بجسده على الدابة أنه حانث، وإن لم يقعد بعد على السرج، ولا في أنه لو أدخل رجله في الركاب، واستقل من الأرض، وهو متعلق بالدابة، لم يستو عليها، ولا وضع ساقه الأخرى عليها أنه لا حنث عليه، ولو كان لما وضع رجله في الركاب، واستقل من الأرض، وضع ساقه الأخرى على الدابة، فذكر قبل أن يستوي بجسده عليها لتخرج ذلك على قولين؛ أحدهما: أنه يحنث. والثاني: أنه لا حنث عليه يقوم الاختلاف في ذلك من اختلافهم، فيمين حلف ألا يدخل دار رجل، فأدخل رجله الواحدة فيها، ولم يعتمد بعد إلا على الخارجة، وقد مضى القول في ذلك في رسم القطعان، ورسم باع شاة، من سماع عيسى، فهي ثلاث منازل؛ منزلة لا يحنث فيها باتفاق، ومنزلة يختلف في وجوب الحنث عليه بها، ومنزلة يحنث فيها باتفاق، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة، وأما الذي يحلف ألا يلبس ثوب رجل، فأدخل عنقه في طوق ثوب من ثيابه فهو حانث كما قال، ولا اختلاف في ذلك؛ لأنه لباس، وكذلك لو كانت عمامة فلواها على رأسه، أو إزارا فأداره على نفسه؛ لأن هذا هو اللباس في هذه الأشياء، ولو كان وضع شيئا من ذلك على فرجه واستتر به، لم يكن ذلك لباسا، ولم يحنث على ما قاله في المدونة.
واختلف إذا لم يلبس القميص، ولا أدخل عنقه في طوقه، ولا اتزر بالإزار، وإنما ألقاه على ظهره، أو لفه على رأسه، أو كانت عمامة فاتزر بها، ولا يتزر بمثلها على قولين؛ أحدهما: أنه يحنث وهو مذهب ابن القاسم في المدونة. والثاني: أنه لا يحنث، وهو قول سحنون، فهي ثلاث منازل في اللباس أيضا كالركوب، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لامرأته إن ولدت غلاما إن لم أحج بك فأنت طالق فولدت غلاما فأبت أن تحج:

من سماع أبي زيد من ابن القاسم قال ابن زيد: سئل ابن القاسم، عن رجل قال لامرأته: إن ولدت غلاما إن لم أحج بك فأنت طالق، فولدت غلاما فأبت أن تحج.
قال: إن كان ذلك منه على وجه أن يوفي لها به مثل أن تسأله إن ولدت غلاما أن يفعل كذا وكذا فيحلف ليفعلنه، فإذا عرض ذلك عليها فأبته، فلا شيء عليه، وأما أن يكون أغلق عليها يمينا، لئن ولدت غلاما لأفعلن كذا وكذا على وجه العطية لها، أو الهبة رأيت ذلك يلزمه، وإن كرهت يجبرها على ذلك.
قال محمد بن رشد: كذا وقع: وأما أن يكون أغلق عليها يمينا لأفعلن كذا وكذا على وجه العطية، وهو غير صحيح في الرواية، وإنما صوابه على غير وجه العطية، وكذلك يستقيم الجواب، وكذلك قال في هذه المسألة بعينها في رسم سلف، من سماع عيسى، وقد مضى من القول عليها هناك ما يكتفي عن القول فيها هنا، وبالله التوفيق.

.مسألة يقول لامرأته إن خرجت إلي موضع من المواضع إلا بإذني فأنت طالق البتة:

وسئل عن الذي يقول لامرأته: إن خرجت إلي موضع من المواضع إلا بإذني فأنت طالق البتة، فأذن لها أن تخرج إلى بيت أمها، والمسجد فخرجت، فلما كانت في الطريق رجعت لحاجة لها فأخذتها، ثم رجعت كما هي إلى الموضع الذي كان أذن لها فيه.
قال: إن كان رجوعها لحاجة ذكرتها تصلحها لتأخذها، ثم ترجع مثل الثوب تتجمل به والخمار وما أشبه ذلك، فلا حنث، وإن كان رجوعها تركا للموضع الذي أذن لها فيه وقطعا له، ثم فكرت بعد ذلك، فقامت فخرجت على الإذن الأول قبل أن تستأذنه فهو حانث.
قال محمد بن رشد: قد مضى تحصيل القول في هذه المسألة، في رسم سلف، من سماع عيسى، فيكتفى بالوقوف على ذلك هناك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بطلاق امرأته البتة إن دخلت بيتا من الدار بغير إذنه:

وسئل عن رجل حلف بطلاق امرأته البتة إن دخلت بيتا من الدار بغير إذنه، فدخلت حجرة من حجر البيت.
قال: الحجرة عندنا من البيت؛ لقول الله تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] فلا ينبغي لأحد أن يدخل بيتا من تلك الحجر حتى يستأذن.
قال محمد بن رشد: هذا من قول ابن القاسم، خلاف قوله في رسم الرهون، من سماع عيسى، وقد مضى من القول على ذلك هنالك ما فيه كفاية، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بطلاق امرأته أن لا يدعها تخرج شهرا إلا لنقلة منزل إلى منزل آخر:

وسئل عن رجل حلف بطلاق امرأته، أن لا يدعها تخرج شهرا إلا لنقلة منزل إلى منزل آخر، فأراد أن يخرج بها إلى قرية ثم يرجع.
قال: إن كان لخروجه مكث طويل شهرا أو نحوه، فلا أراه حانثا.
قال محمد بن رشد: وهذه المسألة أيضا قد مضى القول عليها في رسم الرهون، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف ألا يبيعني ثوبا أبدا فأراد أن يبيع مقارضا:

قال ابن القاسم في رجل حلف ألا يبيعني ثوبا أبدا، فأراد أن يبيع مقارضا فكرهه، وقال: ما يعجبني.
قال محمد بن رشد: وهذه المسألة قد مضت متكررة في أول سماع أبي زيد، من كتاب النذور، ومضى القول عليها هنالك، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة قال امرأته طالق البتة إن لم أوافك غدا في منزلك فجاءه إلى منزله فلم يجده:

وسئل عن رجل كان له حق على رجل، فتعلق به فقال: خلني وأنا آتيك غدا فقال: أخشى ألا تفعل، فقال: امرأته طالق البتة إن لم أوافك غدا في منزلك، فجاء من الغد إلى منزله، فلم يجده ووجده قد سار.
قال: لا حنث عليه.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه أيضا متكررة في سماع أصبغ من كتاب النذور، وذيلها أصبغ من قوله بأن قال: وذلك إذا ظل يومه به، ولم يأته، ولم يكن بينهما وقت لحين من النهار من ذلك اليوم، فيأتي له ويقضي ولم يأته، فأما أن يأتي مثل ما أحب ويمسح ذلك مسحا، ويذهب حين لا يجده عند مجيئه فهو حانث، وليس هذا مجيء ولا موافاة، وتكلمنا هناك على وجه قول ابن القاسم وأصبغ، وذكرنا ما يجب أن يحمل قولهما عليه، فلا معنى لإعادته هنا، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لامرأته أنت طالق إن دخلت جاريتك على أختك إن لم أضربها مائة فدخلت:

وسئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن دخلت جاريتك على أختك إن لم أضربها مائة، فدخلت ثم ضربها مائة، ثم دخلت مرة أخرى.
قال: لا شيء عليه، إلا أن يكون نوى أن يضربها كلما دخلت.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضت، والقول فيها في رسم شك في طوافه، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته.

.مسألة قال امرأته طالق إن حرثت بها إلا في الأرض التي بيني وبينك:

وسئل عن رجلين كانت لهما أرض، وكان لكل واحد منهما بقرة يحرثان بها، وكان أحد الشريكين حاضرا والآخر غائبا بالريف، فبلغ الحاضر أن شريكه يحرث بلدا له بالبقرة، وكان أحد الشريكين يحرث في غير الأرض التي بينهما، فأتاه فقال له: قد بلغني كذا وكذا، فقال الآخر: امرأته طالق إن حرثت بها إلا في الأرض التي بيني وبينك، ثم بدا للذي حلف أن ولى نصيبه من تلك الأرض رجلا آخر ثم حرثها بتينك البقرتين.
قال: هو حانث إلا أن يكون كانت له نية.
قال محمد بن رشد: حنثه في هذه المسألة على ما يقتضيه مجرد اللفظ، ولم يلتفت إلى المعنى المقصود إليه باليمين على ما دل عليه البساط من أنه إنما حلف ألا يخونه، فيحرث بالزوج الذي بينهما في أرض لا حق له فيها، وقد مضى هذا المعنى والاختلاف فيه في سماع سحنون وغيره، فلا معنى لإعادته، وبالله تعالى التوفيق.

.مسألة قال لرجل أنا والله أتقى لله منك وأشد حبا لله ورسوله وإلا فامرأته طالق البتة:

وسئل عن رجل قال لرجل: أنا والله أتقى لله منك، وأشد حبا لله ولرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا فامرأته طالق البتة.
قال: أراه حانثا، قيل له: فلو قال: امرأته طالق إن لم يكن فلان أتقى لله منك، وأشد حبا لله ولرسول الله منك، قال: إن كان قال ذلك في رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن قد عرف فضله على صاحبه، أي من عرف فضله من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صاحبه الذي قال له: أنا أتقى لله منك، وأشد حبا لله، وقوله مثل أبي بكر وعمر يريد أو غيرهما من فضلاء الصحابة، كعبد الله بن عمر، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، ومن سواهم ممن شهدت فضائلهم، وعلمت مناقبهم، ولو حلف بالطلاق إن فلانا لرجل غير مشهور أتقى وأشد حبا لله ولرسوله لفلان، لرجل من أهل هذا الزمان معلوم بالخير لحنث؛ بدليل قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أعجب الناس إيمانا إلي، قوم يخرجون بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، أولئك إخواني» ولو حلف بذلك في بعض الصحابة على بعض لحنث إلا في أبي بكر وعمر في الإجماع الحاصل بين أهل السنة أنهما أفضل من غيرهما، وأن أبا بكر هو الأفضل منهما، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف ألا يبيع هذه السلعة إلا بمائة دينار فباعها وسلعة معها بمائتي دينار:

وسئل عن رجل حلف ألا يبيع هذه السلعة إلا بمائة دينار فباعها، وسلعة معها بمائتي دينار.
قال: إن كانت السلعة التي باعها معها ثمنها لو باعها وحدها مائة دينار، لم يكن عليه حنث، وإن كان ثمنها أكثر من مائة دينار فهو حانث.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، وقعت على غير تدبر؛ لأنه يمكن أن يكون قيمة السلعة التي حلف عليها أقل من مائة، وقيمة التي أضاف إليها مائة، فازداد فيهما تمام المائتين، فالزيادة مقسومة على قيمتهما، فلا يقع للتي حلف عليها إلا أقل من مائة فيحنث، ألا ترى أن التي حلف عليها، لو استحقت، وقد بيعت مع الأخرى بمائتين لم يرجع إلا إلى القيمة فيهما، وإنما كان يجب أن يقول: إن كانت التي أضاف إليها قيمتها مثل قيمة التي حلف عليها فأقل، وباعهما بمائتين لم يحنث، وكذلك لو باعها مع غيرها، وسمى لها من الثمن في أصل الصفقة ما حلف عليه؛ لأن التسمية في ذلك غير معتبرة، ولا يحتاج في ذلك إلى الفض إن استحقت أحد السلعتين، أو وجد بها عيب، لا يجوز البيع إلا أن يكون سمى لكل سلعة من الثمن ما يقع لها منه على قدر قيمتها من قيمة صاحبتها، وقد مضى ذكر هذا في نوازل أصبغ، من كتاب النذور، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف لرجل بالطلاق إذا اقتضى عطاءه ليقضينه حقه فوضع العطاء فلم يأخذه:

وسئل عن رجل أرهن امرأته جارية بدين لها عليه، فقالت امرأته: أخشى إذا افتككتها مني أن تطأها، قال: إن افتككتها فأنت طالق البتة، إن لم أتصدق بها على أمي، فأيسر الرجل فلم يفتكها، وأراد أن يتركها على حالها.
قال: أخشى أن يحنث؛ لأن مالكا قال لرجل حلف لرجل بالطلاق إذا اقتضى عطاءه ليقضينه حقه، فوضع العطاء فأبى أن يأخذ عطاءه، قال: هو حانث إن تركه ولم يقبضه؛ لأنه لو أراد أن يقبضه قبضه.
قال محمد بن رشد: أما الذي حلف لغريمه ليقضينه حقه إذا اقتضى عطاءه، فأبى أن يأخذه، فإيجاب الحنث عليه ظاهر على مراعاة المعنى؛ لأن الحالف إنما قصد بيمينه إلى أن يعجل له حقه، ولا يماطله به، فإذا وضع العطاء فأبى أن يأخذه، فقد حنث فيما حلف عليه، وقد مضى هذا المعنى، في رسم كتب عليه ذكر حق، من سماع ابن القاسم.
وأما الذي حلف ليتصدقن بالجارية على أمه إذا افتكها، فليس قصده إلى تعجيل افتكاكها ليتصدق بها على أمه، وألا يترك ذلك إذا وجد إليه سبيلا، فبين محمل يمينه عليه، ولذلك قال: أخشى أن يحنث، ولم يقل يحنث كما قال في مسألة العطاء، فالأظهر في هذه المسألة أن تحمل على ما يقتضيه اللفظ ولا يحنث بخلاف مسألة العطاء، وبالله التوفيق.

.مسألة قال كل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق البتة إن لم أقضه هذا الحق عند الأجل:

وسئل عن رجل قال: كل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق البتة، إن لم أقضه هذا الحق عند الأجل.
قال: يحنث إن كان يقدر على مال يبتاع به الجارية، فلا ينكح إلا أن يخشى العنت، فإن خشي العنت فهو في سعة من التزويج، وتدخل امرأته التي حنث فيها في النساء، ينكح إن بدا له هي وغيرها إن خشي العنت.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة مثل ما في المدونة وغيرها، وقد مضى القول على هذا المعنى في رسم الجواب، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بالطلاق ليصومن غدا فصام ثم أكل فيه ساهيا:

وسئل عن رجل حلف بالطلاق ليصومن غدا، فصام ثم أكل فيه ساهيا.
قال: لا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: وقد مضت هذه المسألة، والقول فيها في رسم سلف، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة قال امرأته طالق إن كساها شيئا أبدا فماتت أخت امرأته فكفنها بأثواب:

وسئل عن رجل كان يصل أخت امرأته ويكسوها، فبلغه أنها تشتمه وتكسره، فقال: وقد فعلت، امرأته طالق إن كساها شيئا أبدا، فماتت أخت امرأته، فكفنها بأثواب.
قال: إن كان حين حلف كانت له نية ألا يكسوها ما عاشت فقد بر، وإن لم تكن له نية، فقد حنث.
قال محمد بن رشد: مسألة صحيحة بينة المعنى، لا اختلاف فيها؛
لأنه لما قال أبدا اقتضى قوله الحياة والموت بخلاف أن لو قال: ما عاشت، وقد مضى هذا والقول فيه مستوفى في رسم الأقضية، من سماع أشهب، من كتاب النذور، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لزوجته أنت طالق إن لم تأكلي هذه القطعة من اللحم فجاءت هرة فأكلتها:

وقال في رجل تغدى مع امرأته لحما، فجعلت المرأة لحما بين يديه ليأكله، فأخذ الزوج منها بضعة، فقال لها: كلي هذه، فردتها بين يديه، فقال لها: أنت طالق إن لم تأكليها، فجاءت هرة فذهبت بها فأكلتها، فأخذت المرأة الهرة فذبحتها، فأخذت البضعة فأكلتها المرأة، هل يخرج من يمينه؟
قال: ليس ذبح الهرة ولا أكلها ولا إخراج ما في بطنها ولا أكله من ذلك بشيء، ولا يخرجه ذلك من يمينه في شيء لحنث في مثله، فإن كان ساعة حلف لم يكن بين يمينه وبين أخذ الهرة البضعة قدر ما تتناولها المرأة وتحوزها دونها، فلا شيء عليه، وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحوزها دونها فعلت، فهو حانث.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف، وابن الماجشون، وهو صحيح على المشهور في المذهب من حمل الأيمان على المقاصد التي تظهر من الحالفين بها، وإن خالف ذلك مقتضى ألفاظهم فيها؛ لأن الحالف على امرأته أن تأكل البضعة من اللحم لم يرد وقت يمينه أن تأكلها، إلا وهي على حالها مستبدأة مستساغة، لا على أنها مأكولة تعاف وتستكره، وقد روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنها استخرجت من بطن الهرة صحيحة كما هي حينما بلعته من قبل أن ينحل في جوفها شيء منها، فأكلتها فلا حنث عليه، وقوله: يأتي على مراعاة ما يقتضيه مجرد الألفاظ في الأيمان دون اعتبار المقاصد فيها، وهو أصل اختلف فيه قول مالك وابن القاسم، وقد مضى بيان هذا في غير ما موضع من هذا الكتاب وغيره، ولا فرق بين هذه المسألة في المعنى وبين الذي يحلف ليأكلن الطعام، فلا يأكله حتى يفسد، وقد اختلف قول ابن القاسم في ذلك في رسم إن أمكنتني، من سماع عيسى، من كتاب النذور، وقد مضى من القول عليها هناك ما يبين المعنى في هذه، وبالله التوفيق.

.مسألة قال امرأته طالق إن لم أقضك إلى سنة إلا أن تشاء أن تؤخرني:

وقال في رجل قال لغريمه: امرأته طالق إن قضيت أحدا قبلك، وإن لم أقضك إلى سنة إلا أن تؤخرني، فحل الأجل فأخره، ثم أراد أن يقضي غريما له قبل أن يقضي القديم الذي حلف ألا يقضي أحدا قبله.
قال: إذا يحنث.
قيل له: فإن قال امرأته طالق إن لم أقضك إلى سنة، وإن قضيت أحدا قبلك إلا أن تشاء أن تؤخرني، فحل الأجل فأخره، ثم أراد أن يقضي غريما غير الذي حلف له.
قال: أرجو ألا يكون عليه شيء.
قال محمد بن رشد: وجه تفرقته بين من يقول: إن قضيت أحدا قبلك، وإن لم أقضك إلى سنة، إلا أن تشاء أن تؤخرني، وبين أن يقول: إن لم أقضك إلى سنة، وإن قضيت أحدا قبلك إلا أن تشاء أن تؤخرني، هو أن رد الاستثناء، الوارد عقب جملة معطوف بعضها على بعض بالواو إلى أقرب مذكور منها أظهر من رده إلى جميعها، وإن كان رده إلى جميعها محتملا جائزا، ورد الاستثناء في قوله: إلا أن تشاء أن تؤخرني إلى قوله: إن لم أقضك إلى سنة أظهر من رده إلى قوله: إن قضيت أحدا قبلك، إذ هو أشبه بمعناه، فإذا كان الاستثناء متصلا لقوله: إن لم أقضك إلى سنة، وجب أن يرد إليه خاصة؛ لأنه أظهر من وجهة اتصاله به، ومن جهة مشابهته له في المعنى، فيحنث إن قضى أحدا وخره أو لم يؤخره، وإذا كان الاستثناء متصلا بقوله: إن قضيت أحدا قبلك كان أظهر أن يرد إلى قوله: إن قضيت أحدا قبلك لاتصاله به، وأظهر أن يرد إلى قوله إن لم أقضك إلى سنة من جهة أنه أشبه به في المعنى، فلما كان رده إلى كل واحد منهما أظهر من وجه ما استحسن أن يرده إليهما جميعا، فقال: أرجو ألا يكون عليه شيء إن حل الأجل، فأخره ثم قضى غريما له، وبالله التوفيق.

.مسألة قال يميني في يمينك فحلف بالطلاق وليس للحالف امرأة ثم حنث:

وقال في رجل قال لرجل: تجعل يمينك في يميني على ألا تفعل كذا وكذا، فقال له الرجل: يميني في يمينك، فحلف بالطلاق، وليس للحالف امرأة، ثم حنث، كيف يقول في الرجل الذي جعل يمينه في يمين الحالف إن ظن أن له امرأة، أو علم حين جعل يمينه في يمينه أنه لا امرأة له؟
قال: لا شيء عليه علم أو لم يعلم.
قال محمد بن رشد: قد مضى هذا القول في هذه المسألة في رسم سن، من سماع ابن القاسم، والمعنى فيها بين، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة قال امرأته طالق إن وطئ فرجا حراما فأخذ جارية لامرأته فضمها إلى صدره:

وسألت ابن القاسم عن رجل قال: امرأته طالق إن وطئ فرجا حراما أبدا، فأخذ جارية لامرأته، فضم صدرها إلى صدره، ووضع يده على محاسنها وقبلها حتى أنزل الماء الدافق.
فقال: قد حنث، قلت له: ولا ترى أن تنويه أنه إنما أراد الوطء بعينه؟ قال: لا أنويه، ولا كرامة.
قال محمد بن رشد: إنما رآه حانثا؛ لأنه حمل يمينه على المعنى؛ لأن الحالف ألا يطأ فرجا حراما إنما معنى يمينه مجانبة الحرام، فوجب أن يحنث بمباشرته والاستمتاع به، وإن لم يصل في ذلك إلى الوطء بعينيه، ولو حمله على ما يقتضيه اللفظ لم يحنثه؛ لأنه لم يطأ فرجا، وقد قال في كتاب ابن المواز: من حلف ألا يتسرر على امرأته فجرد جارية له، ووضع يده على محاسنها وملاذها، فليس ذلك بتسرر، وأما قوله لا ينوى في أنه إنما أراد الوطء بعينه، فمعنى ذلك مع قيام البينة عليه، ولو جاء مستفتيا لكانت له نيته، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بالطلاق ليغسلن رأس رجل فغسله وهو ميت:

وقال في رجل حلف بالطلاق ليغسلن رأس رجل فغسله وهو ميت أنه يحنث.
قال محمد بن رشد: إنما قال: إنه يحنث؛ لأن المعنى في يمين الحالف أن يغسل رأسه وهو حي؛ إذ المقصد في هذا إنما هو نفعه بإزالة الشعث عن رأسه وإراحته بذلك وكفايته المؤنة في تولي ذلك بنفسه لنفسه، وذلك كله مرتفع بالموت، فوجب ألا يبر بفعل ذلك به بعد الموت، وأن يحنث إن مات قبل أن يغسله إن كان قد حيي بعد اليمين، قدر ما لو أراد أن يغسله أمكنه، ولو حلف ألا يغسله فغسله، وهو ميت لحنث بما يقتضيه اللفظ على عمومه في الحياة والموت، ولم ينظر في ذلك إلى المعنى من أجل أن الحنث بخلاف للبر، ولو حلف ألا يغسل حياته فغسله بعد أن مات حنث أيضا، وقد قيل: إنه لا يحنث حسبما أشرنا إليه ونبهنا على موضع القول فيه قبل هذا في هذا السماع، وبالله التوفيق.

.مسألة حلف بالطلاق ألا يجتمع هو وفلان في بيت فاجتمعا في الحمام:

وقال في رجل حلف بالطلاق ألا يجتمع هو وفلان في بيت، فاجتمعا في الحمام، قال: يحنث؛ لأنه لو أراد ألا يدخله فعل.
قال محمد بن رشد: قد مضى تعليله في رسم الرهون من سماع عيسى ما يدل على أنه لا يحنث إذا اجتمع معه في الحمام وشرحنا هناك وجه ذلك، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.